مقالاتمواضيع العدد ١٨

هؤلاء تنبؤوا بالانترنت والأقمار الصناعية وكروت الائتمان

هؤلاء تنبؤوا بالانترنت والأقمار الصناعية وكروت الائتمان

بقلم: ياسين أحمد سعيد

كاتب وروائى مصرى – جامعة عين شمس

شهد فجر التاريخ، ما سمي بـ “الثورة الزراعية”، ثم جاء القرن التاسع العشر ليستحق باقتدار فتح صفحة جديدة، غيرت ملامح الحياة في العالم، حملت عنوان “الثورة الصناعية”.

نفس هذه الثورة التي أخذت مها بيد مولود جديد اسمه “أدب الخيال العلمي”، والذي بدوره تنبأ بأن عصرنا لو كان ثوري في شئ، فهي (ثورة معلومات واتصالات).

نتتبع الآن همسات الخيال العلمي تلك، لنري دورها في استشراف ثورنا الحالية، والتنبؤ بها قبل حدوثها بأعوام:

اعلانات جوجل

المحطات الفضائية

أول عمل دار حول فكرة أجهزة اصطناعية حول الارض هو  «لبنة القمر»، القصة حازت ظهورها الأول عام 1869 عبر صفحات مجلة (The Atlantic Monthly)، وحملت توقيع “إدوارد هييل”، استشرفت التفاصيل تخيلًا حول كيانًا صناعيًا مصنوع من الطوب يبلغ قطره نحو 200 متر، يعين العاملين بالملاحة الفضائية، لكنه أطلق على سبيل الخطأ حاملًا معه أشخاص على متنه، فنستطيع اعتبارها أيضًا، أول قصة استباقة لشكل الحياة فى المحطة الفضائية الدولية.

الهاتف
عندما أشار تقويم الحائط إلى عام 1965م، ظهر الموسم الأول المسلسل كاسح الشهرة “رحلة النجوم Star Trek”، وتضمنت أحداث العمل أداة صغيرة للاتصال بين طاقم  السفينة، أثناء عملهم الميدانى فى خارجها.

ظلت الفكرة عالقة فى ذهن مشاهد حالم اسمه “مارتن كوبر”، هذا الرجل سيلقب بعدها بخمسة أعوام بأبو التليفون المحمول، حيث حول الفكرة إلى اختراع ملموس فى ظرف 8 أعوام، وأجري أول مكالمة به في 3 أبريل 1973م، لكنه بالطبع لم يكن بامكانياته ولا حجمه الحاليين.

أما اختراع الهاتف نفسه فقصة مُختلف عليها، هناك من يرد فضله إلى جراهام بل، بينما يوجد من يصر أنه إليشا جراي دون منازع أو شريك.

اعلانات جوجل

صدفة غاية في الغرابة أن ينجز اثنان نفس الاختراع، ويتقدما لتسجيله في نفس الوقت، لولا أن (بل) سبق بساعات معدودة، لم يسكت جراي من ناحيته، وأقام عدة دعاوي قضائية انتهت لصالح بل.

أما أول مكالمة فيديو في التاريخ فقد أنجزتها شركة (بيل) في 20 أبريل عام 1964 باستخدام التكنولوجيا التي طورتها أنظمة (مختبرات بيل في وقت لاحق).

يقول آرثر كلارك عند هذا الحد:

“الخطأ فادح أن ينسب لأدب الخيال العلمي دور تنبوئي ما، فليس بإمكان هذا الأدب فعل شيء ما بالنسبة للتنبؤ بالمستقبل، فرسالة أدب الخيال العلمي ووظيفته تتحدان في تنمية مخيلات الناس ومنحهم القدرة على التفكير بالمستقبل”.

الانترنت والأقمار الصناعية

ومع ذلك، حملت مسيرة (كلارك) تطورات مغايرة، حيث ألهمته مكالمة مختبرات بل، وجعلته يخط رواية «الوليد المرعب» بعدها بستة أعوام، وطرح فيها تصور مستقبلي لاختراع الانترنت، أما النبوءة الأهم فى حياته، زارته فى سن السابعة والعشرين، أى عام 1945م، حينها أوقظ العالم على العدد الجديد من مجلة (Wireless World Magazine)، التى تضمنت عنوان مقالته العريض: (Can Rocket Stations Give World-wide Radio Coverage) أو “هل يمكن لمحطات الصواريخ أن تُغطي موجات الراديو في جميع أنحاء العالم”.

اعلانات جوجل

ونقلت التفاصيل رؤية كلارك حول آلات تدور حول الأرض، تسهل مهام الاتصال وخلافه، حتى الآن هذا ليس بجديد، (أدوارد هييل) أشار لما هو مشابه فى (لبنة قمره)، الجديد هو اقتراح كلارك لشكل دقيق ينظم مدارات هذه الأجسام الاصطناعية، وتوصل إلى أن 35768 كيلومتر هو الارتفاع المناسب لأقماره من كل الوجوه، عندها سيدور القمر بنفس سرعة دوران الأرض، فيظل مغطيًا لنفس البقعة الجغرافية.

ما ندم آرثر كلارك على شئ، قدر تغافله عن تسجيل ملكية فكرة الأقمار الاصطناعية، عزاءه الوحيد أن العلماء حفظوا له الصنيع، فتسمى المدارات فى بعض الأوان، بمدارات كلارك (Clarke Orbits).

الأوراق الإلكترونية

هو ورق إلكترونى تفاعلى، قابل لأن تغير محتوى وجهه باستمرار، ليحمل ما تريد من نصوص وصور.

أول ظهور للفكرة كانت بين يدى الوسيم توم كروز، عبر أحداث فيلمه Minority Report، والذى كان يقف وراء كاميراته العبقرى (ستيفن سيلبرج) كمخرج.

اعلانات جوجل

ولعت شركات عالمية بالفكرة، ورأت فيها شكل متطور من أجهزة القراءة اللوحية، بعدها بأعوام، فازت LG وسوني بقصب السبق، وطرحا لأول مرة منتجمهما من هذا الابتكار الرائع.

 

بطاقات الائتمان

إدوارد بلامى هو كاتب ومحام من ولابة مشاستوتس الأمريكية، سطر عام 1888 رواية  حملت اسم Looking Backwards.

أحدثت الرواية ضجة واسعة وقتها، واحتلت المركز الثالث فى الأكثر مبيعًا بعد (كوخ العم توم) و(بن هور: قصة المسيح).

المدهش أن العمل حمل وصفًا دقيقًا لكروت الائتمان كما نستعملها اليوم!

تحكي الرواية عن أمريكى ينام عام 1887 ليستيقظ عام 2000 ليجد نفسه في مجتمع اشتراكي، حيث تمنح الحكومة كل مواطن كارت ائتمان يمارس به شراء السلع، وتضع الحكومة لكل شخص في كارت الائتمان الخاص به نصيبه من الناتج القومي للبلاد.

وذهب الرجل لما هو أبعد، وتخيل أنه سيصير بالامكان استخدام هذه البطاقات بين دولة وأخرى.

بلامى لم يتخيل شكل بطاقات الإئتمان فحسب، بل شكل المتاجر الحديثة أيضًا، ستجد فى القصة أماكن ضخمة تتراص فيها السلع، ينتقى المشترى ما يريده، ثم يدفع عن طريق الكارت أثناء الخروج، كلنا تبدو لنا صورة مألوفة لا تحتاج لعبقرية، لكننى سأحاول أن أذكرك بحقيقة تكون قد نسيتها: قياسًا بمؤلف يعيش عام 1888، فهى حتمًا عبقرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى