ضيف العددمواضيع العدد ٢١

ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين

أشكركم بامتنان على تبرعكم
ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين
عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين مع فريق PoSSUM

علماؤنا بالخارج منارات علمية لكل إنسان عربي طموح يريد الالتحاق بركب العلوم والتكنولوجيا، وهم قدوة للشباب العربي الهادف والجاد والباحث عن تحقيق ذاته، في هذا العدد نقترب من أحدهم ونلقي عليه مزيد من الضوء، لنتعرف عن قرب كيف استطاع هذا العربي والمصري الفذ حفر مكانة عالمية له وسط كل هذا السباق العلمي المحموم في كافة القطاعات العلمية، وكيف يمكن للشباب العربي إيجاد مكانة له وإثبات نفسه أمام نفسه وأمام العالم أجمع، يسعد أسرة تحرير مجلة الفيزياء العصرية أن تلتقي في هذا العدد بالشاب المصري الرائع المتواضع دكتور (أكرم أمين) أول رائد فضاء مصري أثناء لقائه بالشباب في محاضرته التي ألقاها بمكتبة الأسكندرية والتي لمسنا من خلالها حبه العميق لمصر ولشبابها.

في البداية نرحب بضيفنا الكريم دكتور أكرم مرحبًا بك على صفحات مجلتنا، ويشرفنا أن تكون ضيف شرف هذا العدد.

أهلا ومرحبًا بأسرة المجلة وقراءها، والشرف لي أن أكون على صفحاتكم.

اعلانات جوجل

البطاقة الشخصية والعائلية.

انا اسمي (أكرم أمين جمال الدين)، ولدت بالقاهرة عام 1988، متزوج ولدي طفل اسمه (محمد) عمره ثلاث سنوات.

التدرج التعليمي في مصر

تخرجت من مدرسة عمر بن الخطاب عام 2005بالقاهرة، وهي من المدارس الحكومية، وكنت من أوائل الثانوية العامة حيث كان ترتيبي السادس عشر على مستوى القطر المصري.

اعلانات جوجل

كلية التخرج والتخصص 

التحقت بالجامعة الألمانية بمصر بمنحة كاملة، درست بها أربع سنوات تخصص هندسة اتصالات، حيث تخرجت عام 2010 وكنت من أوائل الخريجين مما أهلني لمنحة دراسية لألمانيا.

الدراسة بالخارج

قمت بعمل دراسات عليا والحصول على الماجيستير في هندسة الإتصالات بجامعة شتوتجارت، ثم قمت بالحصول على ماجيستير في هندسة الفضاء بجامعة ميونخ، وأعمل حاليًا بوكالة الفضاء الألمانية، وأدرس حاليًا للحصول على الدكتوراة.

أهم الصعوبات التي واجهتها في الخارج

اعلانات جوجل

لا توجد صعوبات في الخارج بالمعنى التقليدي، لكن من أراد أن يجد لنفسه مكانة عليه أن يجتهد طوال الوقت ليثبت نفسه، فليس هناك ضمان لاستمرارية بقاءك سوى التنافس الشريف مع غيرك ممن يبحث لنفسه عن مكانة جديدة، فالعدل هو السمة الغالبة للتنافس بين الناس، ولا يعتقد الناس أن التنافس سهلًا، بل شديد الصعوبة وذلك لأن الجميع هناك دائم الاجتهاد.

سبب تغيير مسارك من مهندس اتصالات إلى هندسة الطيران والفضاء؟

منذ طفولتي وأنا أحب مجال الفضاء كثيرًا، ولكن في مصر لم تكن هناك فرصة لدراسة هذا المجال، ولم أكن أعلم ما هو المسار الأكاديمي الذي اسلكه من أجل أن أصبح مهندس فضاء أو خبير في مجال الفضاء، فقمت بدراسة هندسة الإتصالات، ولكن عندما سافرت إلى ألمانيا وجدت هناك فرص كثيرة للإلتحاق بهذا المجال، فلم أتردد واغتنمت الفرصة والتحقت ببرنامج عامين للحصول على درجة الماجيستير في علوم الفضاء لأتحول من هندسة الإتصالات لهندسة الفضاء، حيث درست كل ما هو متعلق بمجال الفضاء والطيران كالصواريخ والأقمار الصناعية وغيرها من وسائل النقل والبحث الفضائي.

دائمًا ما يكون للعلماء والعاملين في المجال العلمي أحلام وطموحات علمية منذ الصغر، ما هي طموحاتك وأحلامك عندما كنت طفلاً وعندما كنت شاب في الثانوية العامة؟

اعلانات جوجل

في طفولتي أحببت جدًا الصواريخ والأقمار الصناعية وكان سبب تعلقي بها هو والدي رحمه الله حيث كان ضابطًا في الدفاع الجوي، فكانت أحاديثه لي عن الطائرات والصواريخ ممتعة لي وشيقة وجذبت انتباهي إلى أن تعلقت بها وأحببت أن أعمل في هذا المجال، لكن عندما كبرت وأصبحت في الثانوية تطور فكري بشكل كبير وأصبح لدي يقين واضح أنه من أجل أن أعمل في مجال الفضاء يجب أن أكون الأفضل، لذا اجتهدت كثيرًا في الثانوية العامة وكان كل تفكيري منصب على أن أصبح من الأوائل حتى أتمكن من العمل في المجال الذي أحبه دون عناء.

وقع الاختيار عليك للعمل على أول مشروع طبي فضائي مصري .. حدثنا عن هذا المشروع.

كان هدف هذا المشروع هو دراسة سلوك وتركيب فيرس سي المصري في ظروف انعدام الوزن في محطة الفضاء الدولية، وذلك بالتعاون مع جامعة ميونخ الألمانية وتم إرساله عام 2014 وعاد إلينا في مارس 2015 ونشرت الأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية.

ما هي النتائج التي توصلت إليها تلك الدراسات الخاصة بفيرس سي المصري؟

أدت النتائج إلى فهم أفضل لتركيب فيرس سي المصري، ومعرفة الفرق بينه وبين فيرس سي الهندي، وبذلك نستطيع معرفة كيفية معالجته بشكل أفضل، وتطوير الدواء الذي يعالج به الفيرس في الهند كي يصلح لمعالجة فيرس سي المصري.

وهل لظروف انعدام الوزن في محطة الفضاء الدولية دور في تلك الدراسات؟

دائمًا ما تؤثر الجاذبية على تكوين المركبات الكيميائية وبعض الظواهر الفيزيائية، لذا في محطة الفضاء الدولية وفي ظروف انعدام الوزن فإننا نحصل دائمًا على أفضل النتائج لأي تجربة نجريها على الأرض، فدراسة فيرس سي في ظروف انعدام الوزن تعطي نتائج أفضل، ويكون تركيبه أكثر وضوحًا، مما يؤدي إلى فهم أفضل للفيرس.

أعمالك الحالية ومشاريعك المستقبلية.

ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين
طائرة هالو والأجهزة العلمية عليها

أعمل حاليًا بالوكالة الألمانية للفضاء حيث نعمل على دراسة الغلاف الجوي بواسطة الطائرات حيث يمكن لتلك الطائرات اكتشاف الكثير من  أسرار الفضاء بتكلفة أقل من تكلفة السفر لمحطات الفضاء، ومن خلال العمل مع الوكالة الألمانية استطعت الالتحاق للعمل مع وكالة ناسا الأمريكية عن طريق عدة مشاريع مشتركة بين الوكالتين، من تلك المشاريع مشروع POLSTRACC وهو اختصار Polar stratosphere in a Change Climate أي دارسة دور الستراتوسفير للقطب الشمالي في تغير المناخ، يعتمد هذا البرنامج على طائرة مخصصة لدراسة الغلاف الجوي تسمى HALO حيث تستطيع تلك الطائرة الطيران على ارتفاعات شاهقة تصل إلى أكثر من خمسة عشر كيلومترًا، بينما الطائرات العادية لا تطير على ارتفاعات أكثر من أحد عشر كيلومترًا، تحتوي تلك الطائرة على معدات وأجهزة مخصصة لدراسة الغلاف الجوي، كما يخرج منها العديد من الأنابيب الصغيرة التي تقوم بسحب عينات من الغلاف الجوي أثناء طيرانها، ويمكن للطائرة احتواء خمسة أشخاص غير الطيارين لإجراء التجارب والإشراف على الأجهزة، وقد قمنا بتجربة العام الماضي فوق القطب الشمالي حيث قمنا بدراسة ثقب الأوزون، والتفاعلات التي تحدث بين الأوزون وبين بعض الغازات مثل غاز الميثان وكيفية إيقاف تلك التفاعلات، ومن المعلوم أن طبقة الأوزون موجودة على ارتفاعات لا يمكن للطائرات العادية الوصول إليها وكنا نحتاج من قبل لدراسة تلك الطبقة إطلاق الأقمار الصناعية وهي عالية الكلفة وتحتاج وقت طويل للإعداد، ولكن مع وجود تلك الطائرة أمكننا الارتفاع لتلك المناطق وتغلبنا على هذا العائق، كما أن تلك الطائرة مزودة بشعاع ليزر خاص لدراسة الغلاف الجوي في المناطق الأعلى من مستوى طيران تلك الطائرة.

ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين
طائرة مشروع صوفيا

من ضمن المشاريع التي عملت عليها مشروع MERLIN Mission وهو ثمرة تعاون بين وكالة الفضاء الألمانية DLR ووكالة الفضاء الفرنسية CNES المشروع عبارة عن قمر صناعي يتم اطلاقه في الفضاء لدراسة كمية الميثان الموجودة في الغلاف الجوي عن طريق شعاع ليزر خاص يتم اطلاقه من القمر الصناعي واستقبال الأشعة المنعكسة من على جزيئات الميثان، وذلك على غرار المهمات الفضائية السابقة التي تعتمد على الأشعة المنعكسة من الغلاف الجوي للأرض، وهي تكنولوجيا جديدة رائدة لم تجرب من ذي قبل، تعتمد تلك التكنولوجيا على اطلاق شعاعين من الليزر لكل شعاع طول موجي محدد، الأول يتمص من قبل ذرات الميثان والآخر ينعكس دون امتصاص، وتستقبل الحزم الضوئية الليزرية المنعكسة من خلال كاشف خاص في القمر الصناعي وعن طريق الفرق بين شدة الشعاعين الأول والثاني يمكن حساب كمية الميثان الموجودة في المنطقة التي يدرسها القمر الصناعي، ونظرًا لأنها تكنولوجيا جديدة يجب في البداية تجربتها بشكل منخفض التكلفة للتأكد من فعاليتها، لذا سيتم تزويد طائرة HALO بتلك التقنية من أجل تجربتها بشكل أرخص.

أيضًا من المشاريع الرائدة والتي يتم تجربتها لأول مرة هو مشروع مشترك بين الوكالة الألمانية ووكالة ناسا يسمى SOFIA وهو اختصار Stratospheric Observatory For Infrared Astronomy أي مرصد الستراتوسفير للأشعة تحت الحمراء الكونية، المشروع عبارة عن طائرة بوينج 747 مزودة بتليسكوب للأشعة تحت الحمراء يستطيع تصوير المجموعات الفلكية والنجوم بالأشعة تحت الحمراء بعيدًا عن التشويش الأرضي والسحب في التروبوسفير وتعطي صور أدق وأفضل من مثيلاتها على الأرض. 

في الوقت الحالي تم قبولي للعمل في مشروع جديد لوكالة ناسا الأمريكية وهو مشروع PoSSUM وهو يهتم بدراسة أعالي الغلاف الجوي في طبقة الميزوسفير على ارتفاعات تصل إلى 100 كيلومتر بأسلوب فريد لم يسبق تجربته من ذي قبل عن طريق ارسال رواد فضاء إلى تلك الارتفاعات، وهو أمر لم تنفذه أي وكالة فضاء قبل ذلك، يهتم هذا المشروع بدراسة نوع جديد من السحب المكتشفة حديثًا في طبقة الميزوسفير على ارتفاعات تبدأ من ثمانين كيلومترًا تسمى تلك السحب (الغيوم البراقة Noctilucent Clouds)، والتي لم يكن أحد ليتوقع وجود أي سحب عند هذه الارتفاعات الشاهقة، ولم يكن أحد يلاحظها قبل ذلك، حتى استطاع أحد الفلكيين رصدها بالصدفة عندما كان يقوم برصد فلكي قبيل الفجر، حيث لاحظ تلك السحب بسبب انعكاس ضوء الفجر من عليها، لذا لايمكن لأحد رصدها في أي وقت سوى قبيل الفجر فقط وفي المناطق القطبية، ولكي تقوم ناسا بدراستها وجدت نفسها أمام مشكلة هذا الارتفاع، حيث لا يمكن للأقمار الصناعية الانخفاض لتلك الارتفاعات، ولا يمكن للطائرات الوصول لهذا الارتفاع مطلقًا.

لذا تعتمد فكرة ناسا على استخدام طائرات خاصة تسمى الطائرات الصاروخية محمل عليها عدد من رواد الفضاء للوصول لتلك السحب وأخذ عينات من الغلاف الجوي هناك، وحيث أن الأمر ليس بتلك السهولة تحتاج ناسا في البداية للتأكد من فعالية تلك الفكرة عن طريق تجربتها أولًا على طائرات صغيرة تسمى بوني على ارتفاعات أقل من عشرة كيلومترات وتدريب رواد الفضاء على استخدام تلك التقنيات التي يجب تنفيذها في المهمة أو المشروع الأصلي، وفي نفس الوقت اختبار وتدريب رواد الفضاء على الطيران في أعالي الغلاف الجوي، لذا فإن إول مهمة لي سأقوم بها هذا العام هو الطيران بطائرة بونومي Bonomi فوق كندا على ارتفاع عشرين ألف قدم للتدريب ومحاولة تصوير تلك السحب وللتأكد من فعالية المهمة، هذا التدريب لن نحصل في نهايته على النتائج المرغوبة من المهمة الأصلية بقدر ما هو اختبار للتنقية الجديدة نفسها، واختبار الأجهزة التي ستقوم بالقياسات في المهمة الأصلية. 

ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدينلاحقًا سيتم عمل تدريبات قاسية لرواد الفضاء على تحمل أصعب وأسوأ الظروف التي قد يقابلها رائد الفضاء في المهمة ومن ضمنها فشل المهمة والسقوط، يسمى هذا التدريب Egress وهو ضروري لرواد الفضاء بشكل عام، وهو من التدريبات التي تتم على المدى الطويل، مثل التدريب على الغطس والقفز في الماء، كيف يمكن لرائد الفضاء انقاذ نفسه عند سقوط مركبته في المياه، كيف يمكنه فك ارتباطه بالمركبة حيث يكون الشخص مقيد بالعديد من الأحزمة ووسائل الأمان، أيضًا تدريبه على كيفية خروجه من المركبة وكيفية التعاون مع طاقم الانقاذ، وتكون تلك التدريبات في مجسم حقيقي لنفس المركبة التي سيستقلها رائد الفضاء في مهمته، لذا فإن رائد الفضاء في تلك التدريبات يتم تدريبه على أسوأ السيناريوهات واسوآ الظروف وكيف يتعامل معها بشكل مناسب للحفاظ على حياته.

حفظكم الله من كل الأخطار، إلى متى تستمر تلك التدريبات؟ وما هو ميعاد تنفيذ المهمة الأصلية؟

نأمل بإذن الله تعالي أن يتم تنفيذ المهمة والصعود للفضاء في صيف عام 2018، ولكن هذا ليس تأكيدًا سواء لميعاد الانطلاق أو لمن يقع عليه الاختيار كي ينفذ المهمة، فعامل الأمان هو من يتحكم في كل ذلك، فمن الممكن يتم التأجيل أو الإلغاء إذا طرأ أي جديد قد يهدد المهمة، لذا يظل رواد الفضاء في تدريبات متواصلة قد تصل إلى خمس سنوات، إلى أن يتم اختيار رائد الفضاء لتنفيذ المهمة، لذا قد لا يصعد رائد الفضاء إلى الفضاء سوى مرة واحدة خلال عمره أو قد لا يصعد على الإطلاق.

المشاريع البحثية قد تمتاز بعضها بالصعوبة، فهل واجهت صعوبات معينة لدى العمل على أحد مشاريعك؟

معظم المشاريع البحثية التي نعمل عليها تكون صعبة، ومليئة بالتحديات التي يجب أن نتغلب عليها، فليس هناك مشاريع معينة صعبة، ومشاريع سهلة، فالمشاريع السهلة لا تصنع لصاحبها مكانة، وتعجل خروجه من دائرة المنافسة، ولكن مع العمل الجاد والكثير والاجتهاد المستمر يصل الإنسان لهدفه.

يصعب للكثير العمل كرائد فضاء لدى وكالة ناسا الفضائية، كيف وقع اختيار ناسا لك للعمل كرائد فضاء لبعض مشاريعها الفضائية؟

قبل الالتحاق بالعمل في وكالة ناسا كنت قد اجتهدت كثيرًا، وعملت لمدة خمس سنوات استطعت خلالها انجاز الكثير والكثير من الأبحاث العلمية كالحصول على درجتي ماجيستير والتحضير للدكتوراة، كما تعلمت خلالها الطيران وقيادة الطائرات، وتعلمت الغطس وهو ضروري جدًا لتدريبات رواد الفضاء، كما التحقت بالعمل في وكالة الفضاء الألمانية لمدة خمس سنوات، اتحدث أربع لغات، لذا عندما تقدمت للعمل في وكالة ناسا كان كل ذلك مناسب جدًا للقبول في برامجهم الفضائية.

كثيرًا ما سمعنا أن الجنسية هي من أصعب الشروط التي يمكن التغاضي عنها للالتحاق بوكالة ناسا، كيف استطعت اجتياز هذا الشرط وأنت مصري الجنسية ولست أمريكيًا؟

ببساطة عندما تذهب لوكالة ناسا وانت جاهز تمامًا أكاديميًا ولديك طموح ومدرب بشكل مناسب ومؤهل جيدًا، يمكن لوكالة ناسا التغاضي عن الجنسية، وهو ما فعلته، بعكس ما تتقدم للالتحاق وتحتاج لتدريب فهنا تخضع لاختبارات وشروط كثيرة.

يحلم الشباب المصري ممن لديهم الموهبة العلمية للعمل كرائد فضاء، كيف يمكن لأي شاب أن يعمل كرائد فضاء؟

ضيف العدد ٢١ عالم الفضاء الدكتور أكرم أمين جمال الدين
أكرم أمين وصورة تذكارية مع معد الحوار

في البداية يجب على كل شاب لديه حلم أن يعمل بمجال الفضاء أن يجتهد كثيرًا، ويتعلم بجد داخل مصر ويطور من ذاته كي يستطيع أن يسافر لإكمال دراسته بالخارج، والحصول على ماجيستير من الخارج في علوم الفضاء، لأن مصر لا يوجد بها خبرات خاصة بمجال الفضاء، أو أي تدريبات كافية للعمل بمجال الفضاء، فدراسة الفضاء والالتحاق بمجال الفضاء يبدأ من الخارج، لكن عليك أولًا أن تثبت نفسك في مصر أنك جدير بالسفر لإكمال دراستك بالخارج، فهذا واقع لابد أن نتعامل معه ونجتازه، ومن خلال الدراسة في الخارج ستتاح له الفرصة كي يعد نفسه للعمل كرائد فضاء أو العمل لدى أي وكالة فضاء أجنبية، وقد قاد نفس هذا السؤال مجموعة من المهندسين والعلماء المصريين المتخصصين في مجال الفلك في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية لتأسيس منظمة علمية سميت الطائر Altair Space Missions تيمنًا بنجم يسمى الطائر Altair الموجود في رأس كوكبة العقاب Aquila constellation ، ففي الوقت الحالي لا توجد جامعة في مصر مهما كان نوعها يمكن أن تصل بك للعمل في مجال الفضاء، تعمل تلك المنظمة على إرشاد الشباب المصري والعربي الراغب والطموح في العمل في مجال الفضاء إلى المسارات الأكاديمية التي يجب أن يسير فيها الطالب بغض النظر عن تخصصه العلمي من أجل العمل في مجال الفلك، وما هي الدورات والتدريبات والجامعات التي يجب أن يلتحق بها الشاب من أجل تحقيق طموحه، فهي في النهاية تعتمد على المجهود الذاتي للشاب نفسه، ولا توفر فرص عمل حقيقية للعمل في مجال الفضاء، وكل ذلك يعتمد في الوقت الحالي على السفر للخارج من أجل الدراسة، فمثلًا يقوم الشاب بمخاطبة المنظمة بتخصصه ومساره الأكاديمي في مصر، وما هو التخصص الذي يريد العمل به في مجال الفضاء، تكون مهمة المنظمة إرشاد الشاب لعدد من الجامعات التي يمكن الالتحاق بها في الخارج من أجل تحقيق طموحه، وشروط القبول بكل جامعة وبالمسار الدراسي الذي يريد الالتحاق به، والتي يجب أن تتوفر فيه أو أن يعد نفسه من أجل أن يكون مستعدًا للدراسة في هذا المسار، كما تقوم تلك المنظمة بتسهيل إجراءات الالتحاق أو حل المشكلات التي تقابل الشاب أثناء دراسته في الخارج، هذا بجانب أن المنظمة تقوم ببعض المشاريع الفضائية الصغيرة التعليمية والتي بدأت المنظمة بها في جامعتي زويل والجامعة الألمانية بمصر، ثم بعد التخرج يسافر لألمانيا من أجل إتمام المشروع والحصول على درجة الماجيستير مما يؤهله للعمل في أي وكالة فضاء. 

أعطنا مثال على أحد تلك المشاريع التي تقوم المنظمة برعايتها!

من أمثلة تلك المشاريع مشروع Cube sat وهو قمر صناعي قزم على شكل مكعب طول ضلعه 10سم، تلك المشاريع يتم العمل عليها في الجامعات الأوروبية من قبل الطلاب بداية من التصميم وحتى الإطلاق واستقبال البيانات منه، وبالتالي يتميز هذا النوع من المشاريع الفضائية برخص التكلفة والتي يقدر عليها طلاب الجامعات، وهو مناسب لهم أفضل من إطلاق الأقمار الصناعية الكبيرة التي لا يستطيع تحمل تكاليفها سوى الدول الكبيرة، أيضًا من ضمن تلك المشاريع مشروع Sounding Rockets أو صواريخ الرصد، وهي صواريخ صغيرة تستطيع الارتفاع إلى الف وربعمائة قدم، وتوضع عليها بعض الأجهزة والمعدات الصغيرة التي يراد اختبارها ومن ثم يهبط مرة أخرى إلى الأرض بالمظلات، وهو نوع من الاحتكاك التعليمي المباشر الذي يعطي الطالب خبرات تعليمية مباشرة من خلال تجارب فضائية حقيقية ينفذها بيده، وبالتالي عند التحاقه بأي من برامج الفضاء الكبيرة في وكالات الفضاء تكون لدية خبرة ودراية كافية بكافة المتطلبات أو الصعوبات والمشاكل التي تواجهه في مهمته. 

هل يحتاج الأمر من بعض الشباب دراسة تخصص علمي معين سواء في مصر أو خارجها من أجل الالتحاق بالبرامج التعليمية الخاصة بعلوم الفضاء؟

لا يشترط تخصص معين، وهذا ما يسبب الارتباك للكثير من الشباب حيث لا يوجد لديهم مسار معين يسلكوه من أجل تحقيق حلمهم بالعمل في مجال الفضاء، فكل التخصصات العلمية قابلة أن تؤهلك للعمل في مجال الفضاء، حتى مجال الطب فرواد الفضاء اليوم لدى ذهابهم إلى محطة الفضاء يجب أن يصاحبهم طبيب لعلاج الأمراض التي قد يعانوا منها في الفضاء، فسواء كنت خريج هندسة أو علوم أو طب فأنت مؤهل للالتحاق بمجال الفضاء بشرط السفر للخارج ودراسة علوم الفضاء كما ذكرنا.

علماء مصر في الخارج نبراس وقدوة لكل من يريد أن يحفر لنفسه مكانة عالمية بين أهم الشخصيات العالمية، أهم علماء مصر المغتربين والذي تواصل معهم أكرم أمين في الخارج وأثروا فيه؟

كان من أكثر العلماء تأثيرًا في خاصة في مجال الفضاء الدكتور الكبير فاروق الباز، بينما تواصلت وعملت مع علماء شباب كثيرين مثل د عصام حجي ود محمد رامي المعري و د تهاني مهندسة بوكالة ناسا فهم سبقوني كثيرًا وكانوا بمثابة دعم لي، فالعمل بمجال الفضاء خاصة للمصريين متاح وليس حكرًا على جنسيات معينة.

عندما تصعد على متن محطة الفضاء الدولية ما هو أول شيء تحب أن تراه من نافذة المحطة؟

أول شيء أحب أن أراه من نافذة محطة الفضاء الدولية هي مصر طبعًا، فمصر رائعة جدًا من الفضاء، وغاية في الجمال، خاصة مشاهدة النيل وهو يشق صحراء مصر، ليصنع وردة رائعة في الشمال وهي دلتا النيل.

للسماء رونق وسحر شديد الجمال ومصدر إلهام للعلماء والشعراء، ودائمًا ما يكون لكل إنسان بقعة معينة في السماء تخطف بصره إليها باستمرار خاصة عندما يتعلق عمله بالفضاء، ما هي تلك البقعة التي تكون أول مكان يحب أن يراه أكرم أمين في السماء؟

القمر هو أجمل مناطق السماء بالنسبة إلى، فهو أحب الأشياء إلي والتي دائمًا ما أحب أن أملي عيناي منه عندما أنظر إلى السماء، وقد يتخيل البعض أنني قد أحلم أن أهبط عليه يومًا ما، بالعكس، فلدي قناعة تامة أنني عندما أعمل شيء، يجب أن يكون هذا العمل مفيدًا للناس، لا أن يكون مجرد عمل جذاب يجذب اهتمام الناس والإعلام، لذا لن ينفعني الذهاب إلى القمر بقدر ما يسعدني العمل في برنامج فضائي مفيد كالتجارب العلمية الفضائية أو رحلات الفضاء التي تهتم بالبحث العلمي.

كل قصة نجاح تلعب الأسرة فيها دورًا أساسيًا، ما هو دور الأسرة في حياة أكرم أمين؟

تخلق دائمًا الأسرة المجال لكي تنجح أو تفشل، فدائمًا والداي وزوجتي على يقين بأهمية أحلامي وطموحاتي، ويعطوني الثقة لأصل لكل أحلامي وطموحاتي، ودائمًا ما يقدرون تلك الأحلام ويهيئون المناخ الأسري المناسب لكي أصل لكل أهدافي.

لكل إنسان ناجح مثل أعلى يقتدي به ليصل إلى هدفه، ما هو المثل الأعلى في حياتك؟

مثلي الأعلى هو والدي رحمه الله، فهو سبب تعلقي بمجال علوم الفضاء.

وكالة الفضاء المصرية .. نظرة أكرم أمين لها.

اتمنى إنشاء وكالة فضاء مصرية .. وحتى اليوم ليس هناك أي اتجاهات لإنشاء وكالة فضاء مصرية، على الرغم من كثرة المطالبة بإنشائها من قبل العلماء المصريين أو من الشباب المتحمس للعلم، وقد يعود ذلك للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليًا، ولدى مصر العديد من الكفاءات والعلماء الذين يعملون في مصر وبالخارج في تلك المجالات وهم لديهم خبرات عالية في مجالات الفضاء، وتكمن المشكلة في أن كل متخصص مصري يعمل منفردًا، فوكالة الفضاء المصرية تحتاج قاعدة علمية من الخبراء والمتخصصين والعلماء يعملون معًا كفريق واحد في تناسق لإنجاز المشروعات الفضائية، فما يلزمنا في البداية لإنشاء تلك الوكالة هو تجميع كل المتخصصين معًا على طاولة واحدة للتنسيق فيما بينهم من أجل تنفيذ المشروعات، وتحديد التخصصات التي لا توجد منها كوادر مصرية كافية، وذلك لتوفيرها من خلال الاستعانة بالباحثين الأجانب على المدى القريب، وتجهيز كوادر على تلك التخصصات للاستعانة بهم على المدى البعيد.

هل تصلح مصر كموقع لاطلاق الصواريخ الفضائية؟

مواقع اطلاق الصواريخ الفضائية تحتاج العديد من الشروط، من أهمها أن تكون قريبة من خط الاستواء وذلك للاستفادة من سرعة الأرض الدورانية العالية عند خط الاستواء، والتي يكتسبها الصاروخ أثناء عملية الإطلاق، مما يؤدي إلى توفير الكثير من الوقود، بالإضافة إلى وجود مسطحات مائية ضخمة قريبة لموقع الإطلاق كالمحيطات أو البحار المتسعة وذلك لاسقاط الصواريخ بعد انتهاء وقودها فيها، أو للابتعاد عن المدن أو المناطق السكنية تفاديًا للخسائر البشرية أو المادية لدي وقوع أي حوادث أثناء عملية الإطلاق، لذا نجد الكثير من الدول والتي لها قواعد فضائية تطلق صواريخها وأقمارها الصناعية من خلال قواعد الاطلاق في المحيط الأطلنطى أو الهادي بعيدًا عن موقع الدولة نفسها لذا فقد يكون من الصعب إقامة قاعدة لإطلاق الصواريخ الفضائية في مصر لابتعادها عن خط الاستواء، حتى ولو كانت القواعد في جنوب مصر أقرب قليلًا لخط الاستواء، فإن جنوب مصر ليس به أي مسطحات مائية تصلح لعمليات الاسقاط الضرورية بعد عملية الاطلاق.

كلمة أكرم أمين لشباب مصر.

لكل الشباب الطموح والذي يريد أن يسلك مجال الفضاء والفلك يجب عليك أن تجتهد بشدة خاصة في المرحلة الثانوية، وذلك لتحقيق أول خطوة من حلمك بالالتحاق بكلية علمية، ثم بعد ذلك إدرس واجتهد وابحث كثيرًا من أجل أن تكون في طليعة الأوائل، حتى تكون لك الأولوية في الالتحاق بأي منح دراسية خارجية تستطيع من خلالها أن تحقق طموحك في علم الفلك، حيث أن مصر ليس لديها خبرات أو مؤسسات فضائية كافية لتحقيق طموح الشباب، ولا تعتقد أنك بمجرد أن تبدأ العمل بالخارج فإنك قد وصلت للقمة أو العالمية، فأنا على المستوى الشخصي مازلت أتعلم، فيجب عليك أن تجتهد بشدة وتستمر في الاجتهاد لأن التنافس في الخارج شديد في تلك المجالات، فالطريق لتحقيق طموحك في هذا المجال طويل، ويحتاج لمثابرة.

في نهاية اللقاء نشكرك دكتور أكرم أمين على هذا الحوار المفيد والممتع، ونتمنى لك مزيد من التقدم والرقي.

أشكركم بامتنان على تبرعكم

أ./ محمد محروس عريف

معلم بوزارة التربية والتعليم المصرية ومؤلف علمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى