مقالاتمواضيع العدد ٣

انهار المنزل السبب عند المتفيزق: كهرباء تسربت لحديد المنزل

كيف تتصور أن يؤثر تمدد المواد السائلة أو الصلبة المحبوسة (في إناء محكم) عند تعرضها لزيادة درجات الحرارة؟

دعنا نتحدث عن زجاجة نملؤها بالماء ونضعها في الثلاجة… لقد طالما وجدنا أن الزجاجة تتكسر عند تبريدها في الفريزر وكنا نعزو ذلك دائما وهذا صحيحإلى أن تمدد الماء عند تحوله إلى ثلج هو الذي يكسر الزجاج لأن امتلاء الزجاجة بالماء أساسا لا يبقى معه مجال لتمدد زائد … قلنا هذا صحيح… لكن هل يمكن ان نتصور كمية الضغط الذي يؤثر على الزجاجة بحيث يتم كسرها؟ بمعنى آخر أنت تضغط بيدك على الزجاجة فلا تنكسر أليس كذلك؟ وربما تقعد عليها فلا تنكسر …هل تظن أن تمدد الماء يؤثر على الزجاجة بأكثر من مائة كيلو جرام مثلا؟ وإلا فما معنى أنها تنكسر وأنت حينما جلست عليها لم تنكسر؟

اعلانات جوجل

خذ مثالا آخر … لقد طالما تحدثنا عن تكسر الإسفلت في أيام البرد… وربما يدخل تحت هذا الباب ما يقوله الجيولوجيون حول عوامل التعرية حينما تبرد الصخور وتسخن أو نحو ذلك حيث تتكسر … كنا نقول إن ذلك بسبب البرودة والسخونة … وهنا في حالة الاسفلت نقول إن البرودة تجعل الإسفلت هشا فيتكسر …ربما كان ذلك صحيحا أيضا … لكننا سنتحدث اليوم عن شيء آخر… لنتابع…

أذكر في أيام الجامعة (في الأردن) أنهم كانوا يطلبون منا أن نترك الصنابير مفتوحة قليلا في أيام البرد القارس لألا تنفجر المواسير أو شيئا كهذا… اعتقدت في فترة ما أن سريان الماء يحول دون تكون الثلج (هذا صحيح) لكني لم افكر في حينها في أكثر من ذلك …ثم تراءت لي فكرة جديدة … هل يشكل تجمد الماء في المواسير خطرا على المواسير بحيث تنفجر مثلا؟ سيكون هذا غريبا جدا … كم نحتاج من القوة التي تلزم لتفجير المواسير؟ يبدو أننا نحتاج قوة تكافئ قوة انفجار القنبلة … هل هذا معقول؟

الإجابة على هذه الأسئلة في هذا المثال الذي قرأته قريبا في كتاب زيمانسكي في الديناميكا الحرارية

المثال يتحدث عن كمية من الزئبق موضوعة في إناء ذي حجم ثابت (طبعا الإناء مملوء تماما بالزئبق) ثم ارتفعت درجة حرارة الزئبق من صفر مئوي إلى عشرة درجات …فقط عشر درجات…

اعلانات جوجل

عند حل السؤال نستخدم الديناميكا الحرارية وبالتحديد معاملي التمدد الحجمي بيتا والانضغاط الأيسوثيرمي (كابا) وبدون كبير تفصيل نجد أن التغير في الضغط نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في عملية ديناميكية حرارية ذات حجم ثابت تكون بالشكل:

التغير في الضغط = (معامل التمدد÷ معامل الانضغاط ) × التغير في درجة الحرارة

وللزئبق فإن معامل التمدد حوالي 180 × 10 أس -6 لكل درجة كلفن ، معامل الانضغاط حوالي 4 × 10 أس -6 لكل ضغط جوي … وبالتعويض نجد أن:

التغير في الضغط = (180÷ 4 ) × 10 = 450 ضغط جوي…

يا لطييييييف …. يعني لو كان الزئبق في ضغط 1 جو فإنه يصبح في 451 جو! أترى؟ 450 جو (لاحظ أن 1 جو يعادل وزن 10 طن على المتر المربع !!! فما بالك بـ 450 من هذا الضغط ) هل تظن أن الزجاجة سوف تكسر؟ هل كان سخافة أن نقول هناك وزن 100 كيلو جرام مثلا ؟؟؟ واضح أن السخافة عدم الانتباه لذلك ونحن ندرس الفيزياء … أليس كذلك؟ شوف كم نغفل جمال الحساب في الفيزياء…

اعلانات جوجل

أما الثلج فإن بيتا له حوالي 150 × 10 أس -6 لكل كلفن بينما الإنضغاطية حوالي 50 × 10 أس -6 لكل ضغط جوي…وعلى ذلك…فإن اختلافا مقداره 4 درجات (بين صفر وأربعة يعني) يؤدي إلى زيادة في الضغط على الإناء مقدارها:

الزيادة في الضغط = (150 ÷ 50 ) × 4 = 12 ضغط جوي … بس! ولذلك…فإن الزجاجة التي فيها الماء تنضغط بشكل أو بآخر بعشرات المرات من الضغط الجوي وهو أمر يجعل كسر الزجاجة أمرا مفروغا منه .. ولو كانت من البلاستيك فسوف تنتفخ طبعا.

وكذلك فإن الإسفلت لا يبدو انه يتكسر من البرودة والسخونة بقدر ما هي أن الماء الذي يتمدد في الشقوق يدفعها بقوة ضخمة جدا تكفي لزحزحة القطع من أماكنها زيادة على هشاشتها الأمر الذي لا يملك الإسفلت معه إلا أن يتكسر …

وماذا عن المواسير؟ إن تجمد الماء يجعل الضغط في المواسير أضعافا مضاعفة …وهذا وإن لم تنفجر معه الماسورة (الأنبوبة) إلا أن الضغط كاف لأن تتلوى على الأقل وهذا سيحرك الماسورة من مكانها ولذا سوف تتكسر الجدران وتتشقق … هذا أقل ما يمكن تصوره إذا لم يكن هناك فقاعات أو هواء بداخل الماء طبعا …ولذا فإن سيلان الماء كفيل بتقليل هذا الخطر إلى أقل ما يمكن لأن الضغط الزائد سيدفع الماء من الصنبور…

اعلانات جوجل

ولك أن تتخيل ما الذي حصل للبيت الذي تحدث عنه المتفيزق … لقد وصل حديد السقف بالكهرباء ربما لأن سلكا تعرى فوصل الخط بالحديد ومنه للأرض (في حالة عدم وجود أمان حياة كامل) فسرت الكهرباء في الحديد (الذي يعمل الان مثل مدفأة) وصار الحديد ساخنا … يعني تمدد ولذا زاد حجمه … لكن هذه الزيادة لا تقابلها زيادة مماثلة في الأسمنت (العازل للكهرباء) فكان التمدد كفيلا بزيادة الضغط على السقف أضعافا مضاعفة الأمر الذي جعله يتشقق وما لبث أن خر على الأرض.

د./ مازن العبادلة

قسم الفيزياء - جامعة الأقصى بغزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى