ما هي اشعة جاما Gamma-Rays؟
تتهم اشعة جاما على انها هي التي حولت بروس بانر Bruce Banner إلى الرجل الاخضر في فيلم الاثارة والخيال العلمي Incredible Hulk. لكن ما هي اشعة جاما؟ وماذا يمكن ان تفعله؟
تعتبر اشعة جاما صورة من صور الطاقة الضوئية. وهي امتداد للطيف الكهرومغناطيسي الذي نرى بطيفه المرئي الكون من حولنا. تمتلك اشعة جاما طاقة تصل إلى 10,000 مرة من طاقة الضوء المرئي ولذلك فهي تعرف ايضا باشعة الموت death rays. وهي طاقة ليس لها لون ولا علاقة لها باللون الاخضر للرجل الاخضر. واذا سقطت اشعة جاما على اي شخص فانها تسبب وفاته على الفور، حيث تعمل اشعة جاما على طرد كل الالكترونات من ذراتها وتتركها ايونات تدخل في تفاعلات كيميائية مختلفة ينتج عنها جزئيات سامة على الكائنات الحية. الا انا ما حدث لبطل فيلم الرجل الاخضر هو محض خيال مخرج الفيلم حيث تصور ان امتصاص جسم بروس بانر اشعة جاما تمكن من تحويلها من طاقة إلى كتلة حسب معادلة اينشتين E=mc2 والتي عملت على زيادة كتلته العضلية ليصبح بقوة خارقة، وبالتأكيد هذا لا يحدث في الواقع الا في الافلام.
ما هي اشعة جاما؟
اشعة جاما هي شكل من اشكال الاشعة الكهومغناطيسية مثلها مثل امواج الراديو والاشعة تحت الحمراء والاشعة فوق البنفسجية واشعة اكس وامواج الميكروويف. يمكن استخدام اشعة جاما Gamma-rays في علاج الاورام السرطانية ويدرس علماء الفلك انفجارات اشعة جاما التي تحدث في المجرات البعيدة.
تنتقل الاشعة الكهرومغناطيسية في صورة امواج او جسيمات باطوال موجية وترددات مختلفة. هذا المدى الواسع من الاطوال الموجية يعرف باسم الطيف الكهرومغناطيسي. يقسم الطيف الكهرومغناطيسي إلى سبعة اقسام في اتجاه تناقص الطول الموجي وزيادة الطاقة والتردد. ويعطى كل قسم من اقسام الطيف الكهرومغناطيسي اسماء هي امواج الراديو والميكروويف والاشعة تحت الحمراء والضوء المرئي والاشعة فوق البنفسجية واشعة اكس واشعة جاما.
تقع اشعة جاما Gamma-rays في مدى الطيف الكهرومغناطيسي فوق اشعة اكس الضعيفة. تمتلك اشعة جاما ترددات اعلى من 1018Hz واطوال موجية اصغر من 100pm. وهي نفس مدى اشعة اكس القوية الا ان اشعة اكس القوة تنتج من تسارع الالكترونات في حين ان اشعة جاما تنتج من انوية الذرات.
شكل يوضح كامل الطيف الكهرومغناطيسي
تنتج اشعة جاما بشكل رئيسي من خلال اربعة تفاعلات نووية مختلفة وهي تفاعلات الاندماج وتفاعلات الانشطار واضمحلال الفا واضمحلال جاما. علما بان التفاعل الاندماجي Nuclear fusion هو التفاعل المسؤول عن توليد الطاقة في الشمس والنجوم. تحدث في عملية من عدة خطوات بحيث ان اربعة بروتونات او نواة ذرة الهيدروجين تجبر تحت ظروف ضغط ودرجة حرارة عالية جدا على ان تندمج في نواة ذرة هيليوم والتي تتكون من بروتونين ونيوترونين. نواة الهيلوم الناتجة من هذا التفاعل الاندماجي تكون اقل بحوالي 0.7٪ من كتلة البروتونات الاربعة التي دخلت في التفاعل. يتحول فرق الكتلة إلى طاقة طبقا لمعادلة تكافؤ الكتلة والطاقة لاينشتين E=mc2 مع حوالي ثلثي الطاقة ينبعث في صورة اشعة جاما. باقي الطاقة تتحول إلى جسيمات النيوترينيو والتي تمتاز بانها جسيمات ذات كتلة تساوي صفر وضعيفة التفاعل.
DETECTING GAMMA RAYS
رصد اشعة جاما
ليس مثل الاشعة الضوئية او اشعة اكس فاشعة جاما لا يمكن ان تقتنص او تعكس على مرايا من اي نوع. الاطوال الموجية لاشعة جاما قصيرة جدا يمكنها ان تمر عبر اي فراغ بين الذرات لاي كاشف. ولهذا السبب استخدمت ظاهرة تشتت كمتون Compton scattering لرصد اشعة جاما. تحتوي كواشف اشعة جاما على مكعبات بلورية بكثافة عالية جدا. عندما تمر اشعة جاما منها فانها تتصادم مع الكترونات البلورة. هذه العلمية تعرف بتشتت كمتون والتي ينتج عن تصادم اشعة جاما مع الكترون ان تفقد جزء من طاقتها وتمنحه للالكترون. هذه العملية ينتج عنها جسيمات مشحونة هي التي يتم رصدها بواسطة المجسات.
العلاج باستخدام اشعة جاما Gamma-ray therapy
تستخدم اشعة جاما في بعض الاحيان لعلاج بعض حالات السرطان الحرجة من خلال تدمير الـ DNA للخلايا السرطانية. وتتطلب هذه التقنية دقة عالية لان اشعة جاما تسبب ضرر كبير للـ DNA للخلايا والانسجة الحية السليمة. والطريقة المستخدمة لتسليط جرعة كبيرة على الخلايا السرطانية وجرعة صغيرة على الخلايا الحية من خلال توجيه اشعة جاما متعددة من معجل خطي linear accelerator او جهاز الليناك linac على منطقة الهدف من عدة اتجاهات مختلفة. هذا هو فكرة عمل جهاز سيبر نايف CyberKnife او سكينة جاما Gamma Knife. في تقنية سكينة جاما تستخدم اجهزة تقنية متطورة تعمل على توجيه 200 شعاع جاما على الخلية السرطانية.
اشعة جاما في الفلك Gamma-ray astronomy
من احد المصادر المهمة لاشعة جاما هو انفجارات اشعة جاما والتي تعرف باسم gamma-ray bursts والتي تختصر بـ GRBs. هذه عبارة عن احداث فلكية ذات طاقة هائلة جدا تمكث لبضعة اجزاء من الثانية وقد تطول لفترة تصل إلى عدة دقائق. لوحظت انفجارات اشعة جاما لاول مرة في الستينات من القرن العشرين ويمكن رصد مثل هذه الانفجارات في السماء بمعدل مرة في اليوم تقريبا.
لفترة طويلة اعتقد ان انفجارات اشعة جاما تأتي من مجرتنا ولم يكن متوقع انه يمكن رصدها من مجرات بعيدة عنا الا انه تبين الان انها قد تكون صادرة من مجرات تبعد عنا بحوالي 100 مليون إلى مليار سنة ضوئية مما يعني انها انفجارات بشدة عالية تفوق الوصف تمكنا من رصدها وبسطوع عالي.
توقع علماء الفلك في الماضي ان انفجارات اشعة جاما تصدر في المراحل النهائية من تبخر ثقوب سوداء صغيرة. اما الان فان مصدر انفجارات اشعة جاما هو تصادمات اجسام كثيفة مثل النجوم النيوترونية. كما ان هناك نظريات اخرى تعزي هذه الاحداث إلى انهيار نجوم السوبرنوفا لتشكل ثقوب سوداء. وفي حالات اخرى تطلق انفجارات اشعة جاما طاقة هائلة تدوم لبضعة ثواني تضيء كامل المجرة. والحمدلله على الغلاف الجوي الذي يمنع معظم اشعة جاما من الوصول إلى سطح الارض، ويتم رصد هذه الانفجارات بواسطة بالونات طائرة على ارتفاعات شاهقة او بواسطة تلسكوبات في الاقمار الصناعية.